daborh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات دبور اتش
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أشعار محمود سامي البارودي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin4max

Admin4max


المساهمات : 246
تاريخ التسجيل : 05/09/2008
العمر : 39

أشعار محمود سامي البارودي Empty
مُساهمةموضوع: أشعار محمود سامي البارودي   أشعار محمود سامي البارودي Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 08, 2008 11:53 pm

أبشروا بمحمد
أَبَنـيِ الكنانـةَ أبشِـروا بِمحمَّدٍ

وثِقوا بـراعٍ فِي المكـارم أَوحـدِ


فَهُو الزَّعيـمُ لَكـمْ بِكلِّ فَضيلـةٍ

تَبقَى مآثِرُهـا ، وعيـشٍ أَرغـدِ


مَلِـكٌ نَمتـهُ أرومـةٌ علـويَّـةٌ

ملكَت بسؤدُدِهـا عنـانَ الفرقـدِ

يقظُ البصيرةِ لو سـرَت فِي عينـهِ

سِنَـة الرِّقـادِ ، فقلبـهُ لَمْ يرقـدِ

بدهاتهُ قيـدُ الصـوابِ ، وعَزمـهُ

شرُكُ الفوارسِ فِي العجاجُ الأربـدِ

فَإذا تنمَّـرَ فَهُو (زيدٌ) فِي الوَغَـى

وإذا تكلَّم فَهُو (قيسٌ) فِي النـدي

متقسَّمٌ ما بيـنَ حنكـةِ أشيـبٍ

صدَقت محيلَتـهُ ، وحليـةِ أمـردِ

لا يستريحُ إلى الفراغِ ، ولا يَـرَى

عَيشـاً يلـذُّ بِـهِ إذا لَمْ يَجهَـدِ

فَنَهارهُ غَيـثُ اللَّهيـفِ ، وليلـهُ

فِي طاعَةِ الرَّحـمنِ لَيـلُ العبَّـدِ

لَهجٌ بِحبِّ الصَّالِحـاتِ ، فكلمـا

بَلغَ النهايـةَ من صنيـعٍ يبتـدي

خُلُقٌ تَميَّـزَ عـن سِـواهُ بفضلـهِ

والفضلُ فِي الأخلاقِ إرثُ المُحتـدِ

إقليدٌ معضلـةٍ ، ومعقِـلُ عائـذٍ

وسـماءُ منتجعٍ ، وقبلـةُ مهتـدِ

حسُنَت بهِ الأيامُ حتَّـى أسفـرَتْ

عَن وجهِ معشوقِ الشَّمائلِ أغيَـدِ

وصفت مواردُ مصرَ حتى أصبحَتْ

بعـدَ الكـدورةِ شرعـةً للـورَّدِ

فالعـدلُ يرعاهـا برأفـةِ والـدٍ

والبأسُ يَحمِيهَـا بصولـةِ أصيَـدِ

بلغت بفضـلِ (مُحمَّدٍ) ما أملـت

من عيشـةٍ رغـدٍ وجـدٍّ أسعـدِ

هـو ذلكَ الملـكُ الذي أوصافـهُ

فِي الشعر حليةُ راجـزٍ ومقصِّـدِ

فَبِنـورهِ فِي كلِّ جنـحٍ نَهتَـدي

وبِهَديهِ فِي كلِّ خطـبٍ نقتـدي

سنَّ المشورةَ ، وهي أكـرمُ خطَّـةٍ

يَجـري عَلَيهـا كلَّ راعٍ مرشـدِ

هي عصمةُ الدِّين الَّتِي أَوحَى بِهـا

رَبُّ العِبادِ إلـى النَّبِـي مُحمَّـدِ

فَمـن استَعـانَ بِها تأيَّـدَ مُلكـهُ

ومن استَهـانَ بِأمرهـا لَمْ يَرشُـدِ

أمـرانِ ما اجتمعـا لقائـدِ أمـةٍ

إلاَّ جَنَـى بِهمـا ثِمـارَ السـؤددِ

جَمعٌ يكـونُ الأمر فِيمَـا بَينَهـم

شورى ، وجندٌ للعـدو بِمرصـدِ

هَيهَاتَ يَحيـا المُلكَ دونَ مشـورةٍ

ويعـزُّ ركنَ المَجـدِ ما لَمْ يعمـدِ

فَالسَّيفُ لا يَمضي بـدونِ رويَّـةٍ

والرَّأي لا يَمضـي بغيـرِ مهنَّـدِ

فاعكفْ على الشورى تَجد فِي طيِّها

من بينـات الحكـمِ ما لَمْ يوجـدِ

لا غرو إن أبصرتَ فِي صفحاتـها

صورَ الحوادثِ ، فهي مـرآةُ الغـدِ

فالعقل كالمنظـارِ يبصـرُ ما نـأى

عنـه قريبـاً ، دونَ لمـسٍ باليـدِ

وكفاكَ علمُكِ بالأمورِ، وليسَ مـن

سلكَ السَّبيـل كحائـرٍ لَمْ يَهتَـدِ

فلا أنـتَ أولَ من أفـادَ بعدلـهِ

حـريـةَ الأخـلاقِ بعـدَ تعبُّـدِ

أطلقـتَ كلَّ مقيَّـدٍ ، وحلَّلـتَ

كُلَّ معقَّدٍ ، وجَمعـتَ كلَّ مبـدَّدِ

وتَمتَّعـتْ بالعـدلِ منـكَ رعيَّـةٌ

كانت فريسـةَ كلِّ بـاغٍ معتـدِ

فاسلم لِخَير ولايـةٍ عـزَّت بِهَـا

نفسُ النصيـحِ ، وذلَّ كلُّ مفنَّـدِ

ضرحت قذاةَ الغيِّ عن جفنِ الهدى

وسرت قناعَ اليأسِ عن أمـلٍ نـدِ

ضمت إليكَ زمـامَ كـلِّ مثلِّـثٍ

وثنت إليكَ عنـانَ كـلِّ موحِّـدِ

وتألَفـتْ بَعـدَ العـداوةِ أنفـسٌ

سكنت بعدلكَ فِي نعيـمٍ سرمـدِ

فحبـاكَ ربُّكَ بالجميـلِ كرامـةً

لجزيـلِ ما أوليـتَ أمَّـةَ أَحـمدِ

وتَهـنَّ بالـملكِ الَّـذي ألبستـهُ

شرفـاً بِمثـلِ ردائـهِ لَـمْ يَرتـدِ

بزغت بِهِ شَمسُ الهدايةِ بعـدَ مـا

أفلَت ، وأبصرَ كلُّ طـرفٍ أرمـدِ

لَمْ يَبقَ من ذي خلـةٍ إلاَّ اغتـدى

بِجَميلِ صنعِـكَ مصـدراً للوفَّـدِ

بَلَغَـتْ بِكَ الآمـالَ أبعـدَ غايـةٍ

قصرَت على الإغضاءِ طرفَ الحسَّدِ

فَاسعَد وَدمْ واغنم وجُدْ وانعمْ وسُد

وابدأ وعُد وتَهـنَّ واسلـم وازدَدِ

لا زالَ عدلكَ فِي الأنـامِ مُخَلـداً

فالعدلُ فِي الأيـامِ خيـرُ مُخَلَّـدِ


إلى الله أشكو
إِلَى اللهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِـي وَجَـارَةً

تَبِيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّـبَاحِ بِإِعْـوَالِ

لَهَـا صِبْيَـةٌ لا بَـارَكَ اللهُ فِيهِـمُ

قِبَاحُ النَّوَاصِي لا يَنَمْنَ عَلَى حَـالِ

صَوَارِخُ لا يَهْـدَأْنَ إِلا مَعَ الضُّحَـا

مِنَ الشَّرِّ فِي بَيْتٍ مِنَ الْخَيْرِ مِمْحَالِ

تَرَى بَيْنَهُـمْ يَا فَـرَّقَ اللهُ بَيْنَهُـمْ

لَهِيبَ صِيَاحٍ يَصْعَدُ الْفَلَكَ الْعَالِـي

كَأَنَّهُـمُ مِمَّـا تَنَازَعْـنَ أَكْلُـبٌ

طُرِقْنَ عَلَى حِينِ الْمَسَـاءِ بِرِئْبَـالِ

فَهِجْنَ جَمِيعاً هَيْجَةً فُزِّعَـتْ لَهَـا

كِلابُ الْقُرَى مَا بَيْنَ سَهْلٍ وَأَجْبَالِ

فَلَمْ يَبْقَ مِنْ كَلْبٍ عَقُـورٍ وَكَلْبَـةٍ

مِنَ الْحَيِّ إِلا جَاءَ بِالْعَـمِّ وَالْخَـالِ

وَفُزِّعَتِ الأَنْعَامُ وَالْخَيْـلُ فَانْبَـرَتْ

تُجَاوِبُ بَعْضَاً فِي رُغَاءٍ وَتَصْهَـالِ

فَقَامَتْ رِجَالُ الْحَيِّ تَحْسَبُ أَنَّهَـا

أُصِيبَتْ بِجَيْشٍ ذِي غَوَارِبَ ذَيَّـالِ

فَمِنْ حَامِلٍ رُمْحاً وَمِنْ قَابِضٍ عَصَاً

وَمِنْ فَزعٍ يَتْلُو الْكِتَـابَ بِإِهْـلالِ

وَمِنْ صِبْيَةٍ رِيعَتْ لِـذَاكَ وَنِسْـوَةٍ

قَوَائِمَ دُونَ الْبَابِ يَهْتِفْـنَ بِالْوَالِـي

فَيَا رَبُّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ تَصَبُّـرَاً

عَلَى مَا أُقَاسِيهِ وَخُذْهُـمْ بِزَلْـزَالِ


خوف معشوقة
قَالتْ وقد سمعتْ شعري فَأعجبها | إني أخافُ على هذا الغُلامِ أبي

أراهُ يَهتِفُ باسمي غيرَ مُكترثٍ | ولو كنى لم يدعْ للظن من سببِ

فكيفُ أصنعُ إن ذاعتْ مَقالَتُهُ | ما بين قومي وهم من سادة العربِ

فنازَعَتْها فَتاةٌ مِنْ صواحِبها | قولاً يُؤلِّفُ بين الماءِ أشعار محمود سامي البارودي 0121بِ

قالتْ دَعِيهِ يصوغُ القولَ في جُمَلٍ | من الهوى ، فهي آياتٌ من الأدبِ

وما عليكِ وفي الأسماء مُشتَرَكٌ | إن قال في الشِعرِ ياليلى ولم يَعِبِ ؟

وحَسْبُهُ مِنكِ داءٌ لو تَضَمّنَهُ | قلبُ الحمامةِ ، ما غنتْ على عَذَبِ

فاستَأنَسَتْ ، ثم قالت وهي باسمةٌ | إن كان ما قلتِ حقاً فهو في تَعَبِ

يا حُسْنَهُ من حديثٍ شفّ باطِنُهُ | عن رِقّةٍ ألبستني خِلعة الطربِ





بادر الفرصة
بادرِ الفُرصةَ ، واحـــــــــــــذر فَوتها

فَبُلُوغُ العزِّ في نَيلِ الفُـــــــــــرص

واغـــتنم عُـــمْـــــركَ إبانَ الصِــــبا

فهو إن زادَ مع الشـــــــــيبِ نَقَصْ

إنما الدنيا خـــــــــــــــــيالٌ عارضٌ

قلَّما يبقى ، وأخـــــــــــــبارٌ تُقصْ

تارةً تَدْجو ، وطـــــــــــــوراً تنجلي

عادةُ الظِلِّ ســــــــــجا ، ثمَّ قَلَصْ

فابتدر مســـــعاك ، واعلم أنَّ من

بادرَ الصــــــــــــيدَ مع الفجرِ قنص

لن ينال المـــــــــرءُ بالعجز المنى

إنما الفوزُ لِمن هــــــــــــــمَّ فنص

يَكدحُ العاقــــــــــــــــلُ في مأمنهِ

فإذا ضــــــــــــاقَ به الأمرُ شَخَصْ

إن ذا الحاجـــــــــــــةِ مالمْ يغتربْ

عَنْ حماهُ مثْلُ طَــــــيْرٍ في قفصْ

وليكن سعـــــــــــــــيك مجداً كُلُّهُ

إن مرعى الشـــــــر مَكْرُوهٌ أَحَصْ

واتركِ الحِــــــرصَ تعِشْ في راحةٍ

قَلَّما نـــــالَ مـُــــــــنـَاهُ مَنْ حَرَصْ

قد يَضُرُّ الشـــــــــــيءُ ترجُو نَفعَهُ

رُبَّ ظَمْآنَ بِصَـــــــــــفوِ الماءِ غَصْ

مَيزِ الأشــــــــــــــياء تعرفْ قَدرها

ليستِ الغُرَّةُ مِنْ جِــــنسِ البرصْ

واجــــــــــــــــتنبْ كُلَّ غَبِيٍ مَائِقٍ

فهو كَالعَيْرِ ، إذا جَــــــــــــدَّ قَمَصْ

إنما الجاهــــــــلُ في العين قذًى

حيثما كانَ ، وفب الصـــدرِ غَصَصْ

واحذرِ النمـــــــــــــــامَ تأمنْ كَيْدَهُ

فهو كالبُرغُــــــــــوثِ إن دبَّ قرصْ

يَرْقُبُ الشَــــــــــرَّ ، فإن لاحتْ لهُ

فُرْصَةٌ تَصْلُحُ لِلخَــــــــــــــتْلِ فَرصْ

سَاكنُ الأطــــــــــــــــرافِ ، إلا أنهُ

إن رأى منَشـــــــــبَ أُظْفُورٍ رَقَصْ

واختبر من شــــــئت تَعْرِفهُ ، فما

يعرفُ الأخـــــــــلاقَ إلا مَنْ فَحَصْ

هذهِ حِـــــكـــــمـــةُ كَـــــهلٍ خابرٍ

فاقتنصها ، فهي نِعْـــمَ المُقْتَنَصْ


أعد يا دهر
أَعِـدْ يَـا دَهْـرُ أَيَّـامَ الشَّـبَابِ

وَأَيْـنَ مِنَ الصِّـبَا دَرْكُ الطِّـلابِ

زَمَـانٌ كُلَّمـا لاحَـتْ بِفِكْـرِي

مَخَايِلُهُ بَكَيْـتُ لِفَـرْطِ مـا بِـي

مَضَى عَنِّي وَغَـادَرَ بِـي وَلُوعـاً

تَوَلَّـدَ مِنْـهُ حُـزْنِـي وَاكْتِئَابِـي

وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْـبِ نَفْسِـي

وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَـتْ عَذَابِـي

أَصُدُّ عَنِ النَّعِيـمِ صُـدُودَ عَجْـزٍ

وَأُظْهِـرُ سَلْـوَةً وَالْقَلْـبُ صَابِـي

وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْـرٌ مِـنْ حَيَـاةٍ

يَكُـونُ قِـوَامُهـا رَوْحَ الشَّـبَابِ

فَـيَـا للهِ كَـمْ لِـي مِـنْ لَيَـالٍ

بِـهِ سَـلَـفَـتْ وَأَيَّـامٍ عِـذَابِ

إِذِ النَّـعْـمَـاءُ وَارِفَـةٌ عَلَيْـنَـا

وَمَرْعَى اللَّهْـوِ مُخْضَـرُّ الْجَنَـابِ

نَطِيـرُ مَـعَ السُّـرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَـا

بِأَجْنِحَـةِ الْخَلاعَـةِ وَالتَّصَـابِـي

فَـغُـدْوَتُنَـا وَرَوْحَتُنَـا سَـوَاءٌ

لعَـابٌ فِي لعَـابٍ فِـي لعَـابِ

وَرُبَّـتَ رَوْضَـةٍ مِلْـنـا إِلَيْـهَا

وَقَرْنُ الشَّمْـسِ تِبْـرِيُّ الإِهَـابِ

نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَـتْ فَكَانَـتْ

عَلَى السَّاحـاتِ أَمْثَـالَ الْقِبـابِ

فَزَهْـرُ غُصُونِهَـا طَلْـقُ الْمُحَـيَّا

وَجَدْوَلُ مائِهـا عَـذْبُ الرُّضـابِ

كَـأَنَّ غُصُونَهـا غِيـدٌ تَهَـادَى

مِنَ الزَّهْـرِ الْمُنَمَّـقِ فِـي ثِيَـابِ

سَقَتْهَا السُّحْـبُ رَيِّقَـها فَمَالَـتْ

كَمَا مَالَ النَّزِيـفُ مِـنَ الشَّـرَابِ

فَسَبَّـحَ طَيْرُهـا شُكْـراً وَأَثْنَـتْ

بِأَلْسِنَةِ النَّبـاتِ عَلَـى السَّحَـابِ

وَيَـوْمٍ ناعِـمِ الطَّـرَفَيْـنِ نَـادٍ

عَلِيـلِ الْجَـوِّ هَلْهَـالِ الرَّبَـابِ

سَبَقْتُ بِهِ الشُّـرُوقَ إِلَى التَّصَابِـي

بُكُـوراً قَبْـلَ تَنْعـابِ الغُـرابِ

وسُقْتُ مَعَ الْغُـواةِ كُمَيْـتَ لَهْـوٍ

جَمُوحاً لا تَلِيـنُ عَلَـى الْجِـذَابِ

إِذَا أَلْجَمْـتَـها بِالْـمَـاءِ قَـرَّتْ

وَدَارَ بِجِيـدِهـا لَبَـبُ الْحَبـابِ

مُـوَرَّدَةً إِذَا اتَّـقَـدَتْ بِـكَـفٍّ

جَلَتْـها لِلأَشِعَّـةِ فِـي خِضَـابِ

هُوَ العَصْـرُ الَّـذِي دَارَتْ عَلَيْنَـا

بِـهِ اللَّـذَّاتُ واضِعَـةَ النِّقَـابِ

نُجَـاهِـرُ بِالْغَـرَامِ وَلا نُبَـالِـي

وَنَنْطِـقُ بِالصَـوابِ وَلا نُحَابِـي

فَيَا لَكَ مِنْ زَمـانٍ عِشْـتُ فِيـهِ

نَدِيمَ الـرَّاحِ وَالْهيـفِ الكِعـابِ

إِذَا ذَكَـرَتْـهُ نَفْسِـي أَبْصَـرَتْـهُ

كَأَنِّي مِنْـهُ أَنْظُـرُ فِـي كِتـابِ

تَحَـوَّلَ ظِلُّـهُ عَـنِّـي وَأَذْكَـى

بِقَلْبِـي لَوْعَـةً مِثـلَ الشِّهَـابِ

كَـذَاكَ الدَّهْـرُ مَـلاَّقٌ خَلُـوبٌ

يَغُـرُّ أَخَـا الطَّمَاعَـةِ بِالْكِـذَابِ

فَلا تَرْكَـنْ إِلَيْـهِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ

تَـرَاهُ بِـهِ يَـؤُولُ إِلَـى ذَهـابِ

وَعِشْ فَرْداً فَمَا فِي النَّـاسِ خِـلٌّ

يَسُـرُّكَ فِـي بِعَـادٍ وَاقْـتِـرَابِ

حَلَبْـتُ الـدَّهْـرَ أَشْطُـرَهُ مَلِيَّـاً

وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِـنْ أَرْيٍ وَصـابِ

فَمَا أَبْصَـرْتُ فِي الإِخْـوَانِ نَدْبَـاً

يَجِـلُّ عَـنِ الْمَلامَـةِ وَالْعِتَـابِ

وَلَكِـنَّـا نُعَـاشِـرُ مَـنْ لَقِينَـا

عَلَى حُكْـمِ الْمُـرُوءَةِ وَالتَغَابِـي





الفؤاد المفجع
مَتَى يَشْتَفِي هَذَا الْفُـؤَادُ الْمُفَجَّـعُ

وَفِي كُلِّ يَوْمٍ رَاحِلٌ لَيْـسَ يَرْجـعُ

نَمِيلُ مِنَ الدُّنْيَـا إِلَى ظِـلِّ مُزْنَـةٍ

لَهَـا بَـارِقٌ فِيـهِ الْمَنِيَّـةُ تَلْمَـعُ

وَكَيْفَ يَطِيبُ الْعَيْشُ وَالْمَرْءُ قَائِـمٌ

عَلَى حَذَرٍ مِنْ هَـوْلِ مَـا يَتَوَقَّـعُ

بِنَا كُـلَّ يَـومٍ لِلْحَـوَادِثِ وَقْعَـةٌ

تَسِيـلُ لَهَا مِنَّـا نُفُـوسٌ وَأَدْمُـعُ

فَأَجْسَادُنَا فِي مَطْرَحِ الأَرْضِ هُمَّـدٌ

وَأَرْوَاحُنَا فِي مَسْرَحِ الْجَـوِّ رُتَّـعُ

وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّـا نُسَـاءُ وَنَرْتَضِـي

وَنُدْرِكُ أَسبَـابَ الْفَنَـاءِ وَنَطْمَـعُ

وَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَـانُ عُقْبَـانَ أَمْـرِهِ

لَهَـانَ عَلَيْـهِ مَا يَسُـرُّ وَيَفْجَـعُ

تَسِيرُ بِنَا الأَيَّـامُ وَالْمَـوتُ مَوْعِـدٌ

وَتَدْفَعُنَـا الأَرْحَـامُ وَالأَرْضُ تَبْلَـعُ

عَفَـاءٌ عَلَى الدُّنْيَـا فَمَـا لِعِدَاتِهَـا

وَفَـاءٌ وَلا فِـي عَيْشِـهَا مُتَمَتَّـعُ

أَبَعْدَ سَمِيرِ الْفَضْلِ أَحْمَـدَ فَـارِسٍ

تَقِرُّ جُنُـوبٌ أَوْ يُلائِـمُ مَضْجَـعُ

كَفَى حَزناً أَنَّ النَّوَى صَدَعَـتْ بِـهِ

فُـؤَاداً مِنَ الْحِدْثَـانِ لا يَتَصَـدَّعُ

وَمَا كُنْتُ مِجْزَاعاً وَلَكِنَّ ذَا الأَسَـى

إِذَا لَمْ يُسَاعِـدْهُ التَّصَبُّـرُ يَجْـزَعُ

فَقَدْنَاهُ فِقْدَانَ الشَّـرَابِ عَلَى الظَـمَا

فَفِي كُلِّ قَلْبٍ غُلَّـةٌ لَيْـسَ تُنْقَـعُ

وَأَيُّ فُـؤَادٍ لَـمْ يَبِـتْ لِمُصَابِـهِ

عَلَى لَوْعَةٍ أَوْ مُقْلَـةٍ لَيْـسَ تَدْمَـعُ

إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلدَّمْعِ فِي الْخَدِّ مَسْـرَبٌ

رَوِيٌّ فَمَا لِلْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ مَوْضِـعُ

مَضَـى وَوَرِثْنَـاهُ عُلُومـاً غَزِيـرَةً

تَظَلُّ بِهَا هِيـمُ الْخَوَاطِـرِ تَشْـرَعُ

إِذَا تُلِيَـتْ آيَاتُهَـا فِـي مَقَـامَـةٍ

تَنَافَسَ قَلْبٌ فِي هَوَاهَـا وَمسْمَـعُ

سَقَى جَدثاً فِي أَرْضِ لُبْنَانَ عَـارِضٌ

مِنَ الْمُزْنِ فَيَّاضُ الْجَـدَاوِلِ مُتْـرَعُ

فَـإِنَّ بِـهِ لِلْمَكْرُمَـاتِ حُشَاشَـةً

طَوَاهَا الرَّدَى فَالْقَلْبُ حَرَّانُ مُوجَـعُ

فَإِنْ يَكُنِ الشِّدْيَاقُ خَلَّـى مَكَانَـهُ

فَإِنَّ ابْنَهُ عَنْ حَوْزَةِ الْمَجْـدِ يَدْفَـعُ

وَمَا مَاتَ مَنْ أَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ فَاضِلاً

يُؤَلِّفُ أَشْتَـاتَ الْمَعَالِـي وَيَجْمَـعُ

رَزِينُ حَصَاةِ الْحِلْـمِ لا يَسْتَخِفُّـهُ

إِلَى اللَّهْوِ طَبْعٌ فَهْوَ بِالْجِـدِّ مُولَـعُ

تَلُوحُ عَلَيـهِ مِـنْ أَبِيـهِ شَمَائِـلٌ

تَدُلُّ عَلَى طِيبِ الْخِـلالِ وَتَنْـزِعُ

فَصَبْـرَاً جَمِيـلاً يَا سَلِيـمُ فَإِنَّمَـا

يُسِيغُ الْفَتَى بِالصَّبْـرِ مَـا يَتَجَـرَّعُ

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى مَـا أَصَابَـهُ

فَمَاذَا تُراهُ فِـي الْمُقَـدَّرِ يَصْنَـعُ

وَمِثْـلُكَ مَنْ رَازَ الأُمُـورَ بِعَقْلِـهِ

وَأَدْرَكَ مِنْـهَا مَـا يَضُـرُّ وَيَنْفَـعُ

فَلا تُعْطِيَنَّ الحُزْنَ قَلْبَـكَ وَاسْتَعِـنْ

عَلَيْهِ بِصَبْرٍ فَهْوَ فِي الْحُـزْنِ أَنْجَـعُ

وَهَاكَ عَلَـى بُعْـدِ الْمَـزَارِ قَرِيبَـةً

إِلَى النَّفْسِ يَدْعُوهَا الْوَفَـاءُ فَتَتْبَـعُ

رَعَيْتُ بِهَا حَقَّ الْوِدَادِ عَلَى النَّـوَى

وَلِلْحَقِّ فِي حُكْمِ الْبَصِيـرَةِ مَقْطَـعُ



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daborh.yoo7.com
 
أشعار محمود سامي البارودي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
daborh :: مــــنــــتـــدى الـــــشــــعر والـــــشـــــعراء-
انتقل الى: